من هو الأخ أندرو حبيب ؟
![]() |
من هو الأخ أندرو حبيب ؟ |
في عالم تتصارع فيه الأفكار والمعتقدات، وتعلو فيه الأصوات المتضاربة، يبرز صوت فريد من نوعه، يحمل في نبرته صدق التجربة وعمق الألم والرجاء. إنه صوت الأخ أندرو حبيب، الذي لمع اسمه على شاشة قناة الكرمة المسيحية، خاصة من خلال برنامجه الشهير "أنا مش كافر". قصة الأخ أندرو ليست مجرد سرد لتحول ديني أو اجتماعي، بل هي شهادة حيّة عن رحلة روحية وإنسانية قاسية، بدأت في قلب القاهرة، ومرت بمحطات من الشك، والضياع، والتشرد، قبل أن تستقر في أحضان النعمة الإلهية. في هذا المقال، نسلط الضوء على محطات مهمة في حياة هذا الرجل الذي أبصر النور وسط ظلمات كثيرة، ليصير منارة لكل باحث عن الحق.
شاهد ايضا:
- من هو رشيد مقدم برنامج بكل وضوح؟
- تعرف على رجل الحق القمص زكريا بطرس
- ما هو الإيمان عند المسيحيين؟
- ما هو العهد الجديد؟
من هو الاخ اندرو حبيب ؟
الأخ أندرو حبيب هو شخصية مسيحية معروفة في الأوساط العربية الناطقة بالمسيحية، خصوصًا من خلال ظهوره الأسبوعي على شاشة قناة الكرمة من خلال برنامجه "أنا مش كافر". وُلد ونشأ في مصر في بيئة سنية أزهرية محافظة، وتعلّم في مؤسسات دينية تقليدية، ما جعله ملمًا بالتفاصيل العقائدية الإسلامية. إلا أن ما اختبره في محيطه العائلي والمجتمعي من ظلم اجتماعي وخاصة تجاه والدته، شكل في داخله بذور التساؤل، بل والرفض لاحقًا.
مرت حياته بمراحل متقلبة، من الالتزام الديني، إلى الشك، فالإلحاد. ومع مرور الوقت، وصل إلى مفترق طرق، حيث لم يعد يستطيع أن يتقبل الصورة التي تقدمها المؤسسة الدينية التقليدية عن الله. ووسط هذه الظلمة، التقى بأحد المبشرين المسيحيين، وهو شاب برازيلي، كان يحمل معه رسالة المحبة والغفران التي يقدمها المسيح. هذا اللقاء غيّر مسار حياته كليًا، حيث بدأ يفكر في الإنجيل ويقرأه، وكان هذا بداية الطريق نحو النور.
هاجر أندرو إلى خارج مصر، وكانت تلك الهجرة محفوفة بالصعاب. فعاش أيامًا عصيبة في الشوارع، بلا مأوى، ولا طعام، ولا أمان. تنقل بين المدن، وتعرض للإهمال والبرد والجوع. وفي إحدى المرات، ساعده أحد العرب، وعمل معه في مطعم لفترة من الزمن، فقط كي يستطيع أن يجد مكانًا يبيت فيه.
اليوم، يعيش الأخ أندرو حبيب في ولاية كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يكرّس حياته بالكامل للخدمة المسيحية، ويستخدم منصته الإعلامية لتقديم صوت الإنجيل بجرأة، دون مساومة، وبأسلوب مبني على المحبة والحق في آنٍ واحد.
لحظة اختبار الاخ اندرو حبيب في حلقته الاولى "أبصرت نورا"
كانت الحلقة الأولى من برنامج "أنا مش كافر" لحظة فاصلة ليس فقط في حياة أندرو حبيب، بل أيضًا في حياة آلاف من المشاهدين. في تلك الحلقة، التي حملت عنوان "أبصرت نورًا"، كشف أندرو للمرة الأولى عن قصته الكاملة. تحدث فيها عن نشأته الأزهرية، وعن الإيمان الذي تربّى عليه، وعن الأسئلة التي بدأت تنهش يقينه شيئًا فشيئًا.
ما ميز هذه الشهادة هو الصدق العميق والألم الظاهر، لا في الكلمات فقط، بل في نظراته وصوته. تحدّث عن معاناة والدته في بيئة ذكورية سلطوية، وعن القسوة التي عاشها في مجتمع يحكم على النساء بالسكوت والطاعة العمياء. روى أيضًا كيف قادته هذه التجارب إلى التمرد على كل ما ورثه، وإلى حالة من الرفض العارم حتى للدين نفسه.
ثم كانت نقطة التحول. التقى بصديق برازيلي يعمل كمبشر مسيحي، قدم له الإنجيل بلغة المحبة، لا الدين. شعر أندرو للمرة الأولى أن هناك إلهًا يحب الإنسان لا يعاقبه، وأن الله ليس مجرد مشرّع للعقوبات، بل هو الآب الذي ينتظر الضال ليعود. في حلمٍ غيّر كل شيء، رأى المسيح يقترب منه، ويقدم له كتابًا قال له فيه: "هذا هو الطريق، سر فيه".
تلك اللحظة لم تكن مجرد تجربة شخصية، بل كانت بداية رسالة. في الحلقة الأولى، لم يحاول أندرو أن يكون مبشّرًا مثاليًا، بل إنسانًا صادقًا يتحدث عن آلامه، شكوكه، وتجاربه. وهذا ما جعل صوته مختلفًا ومقنعًا.
برنامج انا مش كافر الاخ اندرو
برنامج "أنا مش كافر" الذي يقدمه الأخ أندرو حبيب على قناة الكرمة هو واحد من أكثر البرامج المثيرة للجدل والتأثير في الوقت ذاته. يُعرض البرنامج أسبوعيًا مساء كل جمعة، ويُعالج قضايا الإيمان والعقيدة من منظور مسيحي صريح، لا يخشى تناول أكثر المواضيع حساسية.
البرنامج ليس مجرد مساحة للرد على الفكر الإسلامي، بل هو منصة حوارية تطرح الحقائق وتناقش المفاهيم الخاطئة حول الإيمان المسيحي، مع توضيح محبة الله كما تظهر في شخص يسوع المسيح. يستقبل أندرو عبر البرنامج شهادات من مسلمين سابقين، ويجيب عن أسئلة المشاهدين، ويقدّم تأملات كتابية معمقة.
ما يميز البرنامج هو الصراحة الشديدة في الطرح، حيث لا يسعى أندرو إلى التجميل أو المراوغة، بل إلى الحقيقة مهما كانت قاسية. في ذات الوقت، يُظهر تعاطفًا واضحًا مع من ما زالوا في طريق التساؤل، ويخاطبهم لا كخصوم بل كأشخاص يحتاجون إلى النور كما احتاجه هو سابقًا.
البرنامج يُنتج من داخل استوديوهات قناة الكرمة في كاليفورنيا، ويُبث على مدار الساعة عبر يوتيوب وصفحات التواصل الاجتماعي، ما يجعله في متناول جمهور واسع في الشرق الأوسط والمهجر. كما أن حلقاته تُعاد بثها وتُترجم أحيانًا إلى لغات أخرى.
أثر "أنا مش كافر" يتجاوز الأرقام والمشاهدات، إنه يُلامس القلوب، ويشجع على البحث والتفكير. من خلال هذا البرنامج، صار أندرو حبيب أكثر من مجرد مقدّم أو مبشر، صار صوتًا يُمثّل كل من وجد نفسه يومًا في ظلمة، ثم أبصر النور.
ختاما، قصة الأخ أندرو حبيب ليست مجرد سيرة شخصية، بل شهادة حيّة على قدرة الله في تغيير القلوب والحياة. من شاب أزهري تربى في أحضان الفكر التقليدي، إلى مشرد في الشوارع يبحث عن لقمة ومأوى، ثم إلى مبشّر يقدّم محبة المسيح عبر الشاشات، إنها قصة نعمة حقيقية.
هو لا يدّعي الكمال، ولا يسعى لفرض آرائه، بل يقدم اختباره بصدق وشفافية، ويضعه أمام كل من يبحث عن الحق. في زمن الضوضاء والتطرف، نحتاج لأصوات مثل صوت الأخ أندرو حبيب، تهمس: "أنا مش كافر... أنا ابن لله، نال النعمة، ويريد أن يشاركها معك".