دليل شامل لفهم إنجيل لوقا في العهد الجديد

عن ماذا يتحدث إنجيل لوقا؟
دليل شامل لفهم إنجيل لوقا في العهد الجديد


دليل شامل لفهم إنجيل لوقا في العهد الجديد


من هو كاتب إنجيل القديس لوقا؟


لوقا هو كاتب إنجيل لوقا وسفر أعمال الرسل، ويُعتبر أحد أبرز شخصيات العهد الجديد رغم أنه لم يكن أحد الاثني عشر تلميذًا. كان لوقا طبيبًا يونانيًا ومثقفًا، ويُعتقد أنه اعتنق المسيحية على يد بولس الرسول، حيث رافقه في عدد من رحلاته التبشيرية. يظهر اسمه في رسائل بولس باعتباره أحد الرفقاء المخلصين الذين لم يتخلوا عنه حتى في أصعب الأوقات. لوقا هو الكاتب الوحيد من كتّاب الأناجيل الأربعة الذي لم يكن يهوديًا، مما منحه منظورًا عالميًا أكثر شمولاً، وهو ما ينعكس بوضوح في طريقة عرضه لحياة يسوع. أسلوبه الأدبي دقيق ومنظم، ويُظهر اهتمامًا خاصًا بالتفاصيل، مما يعكس خلفيته العلمية كطبيب. هدف لوقا من كتابة إنجيله لم يكن فقط تقديم رواية عن حياة يسوع، بل أيضًا تأكيد صحة الإيمان المسيحي من خلال توثيق الأحداث بشكل منهجي.



شاهد ايضا:



لمن كتب إنجيل لوقا ؟


كتب لوقا إنجيله إلى شخصية يُدعى ثاوفيلس، وهو اسم يوناني يُترجم إلى "محب الله". قد يكون ثاوفيلس شخصًا حقيقيًا ذا مكانة عالية، وربما كان مسؤولًا رومانيًا اعتنق المسيحية، أو قد يكون الاسم رمزيًا يُقصد به كل من يحب الله ويسعى إلى معرفته. في مقدمة إنجيله، يوضح لوقا أن هدفه هو أن يُعطي ثاوفيلس تأكيدًا راسخًا للأمور التي تم تعلمها بشأن يسوع المسيح. ويبدو أن إنجيل لوقا موجه إلى جمهور من الأمم (غير اليهود)، لأنه يركز على البعد الشامل للخلاص، ويُبرز دور النساء، الفقراء، والخطاة، مما يُشير إلى رسالة رحمة ومحبة موجهة للجميع. يُظهر لوقا اهتمامًا خاصًا بإبراز الإنسانية والعالمية في رسالة المسيح، وهو ما يُناسب جمهورًا غير يهودي يبحث عن الحق والمعنى في خضم العالم الوثني.



متى كتب إنجيل لوقا ؟


تُشير الدراسات إلى أن إنجيل لوقا كُتب ما بين سنة 70 و85 ميلاديًا. من المرجح أن لوقا كتب إنجيله بعد إنجيل مرقس، الذي يُعتبر أقدم الأناجيل، وقد استخدمه كمصدر رئيسي، إلى جانب مصادر أخرى شفهية ومكتوبة. يُعتقد أن لوقا كتب إنجيله بعد خراب أورشليم عام 70 م، لأن هذا الحدث الكبير غير مذكور بشكل مباشر، لكنه يُلمّح إليه. كما أن النغمة اللاهوتية والنضج في كتاباته تدل على أن الكنيسة قد تطورت وتوسعت في ذلك الوقت. تاريخ الكتابة مهم لأنه يعكس السياق التاريخي والاجتماعي والديني الذي كُتب فيه الإنجيل، وهو يساعدنا على فهم الأهداف اللاهوتية والأدبية التي سعى لوقا لتحقيقها في عمله.



كم عدد أصحاحات إنجيل لوقا ؟


يتكون إنجيل لوقا من 24 إصحاحًا، وهو ثالث الأناجيل الأربعة ترتيبًا في العهد الجديد. هذه الإصحاحات تغطي فترة حياة يسوع من ولادته وحتى صعوده إلى السماء. إن الترتيب الذي اعتمده لوقا في إنجيله يعكس هدفًا تعليميًا واضحًا، حيث يبدأ بتفصيل قصة الميلاد بطريقة لا نجدها في الأناجيل الأخرى، ثم يتبع ذلك وصف لحياة يسوع العلنية، وتعاليمه، ومعجزاته، وأخيرًا آلامه، موته، وقيامته. العدد الكبير من الإصحاحات مقارنة ببعض الأناجيل الأخرى يُظهر رغبة لوقا في تقديم عرض شامل ومفصل لحياة يسوع وتعاليمه، خاصة ما يتعلق برحمته نحو الخطاة، ودوره كمخلص لجميع الأمم.




عن ماذا يتحدث إنجيل لوقا؟


إنجيل لوقا يتناول حياة يسوع المسيح منذ بشارة الملاك بولادته وحتى صعوده إلى السماء، مع التركيز على إنسانية يسوع ورسالته العالمية. يعرض الإنجيل يسوع بوصفه المخلص الرحيم الذي جاء ليخلص الجميع، لا سيما المنبوذين والمهمشين في المجتمع. يُبرز لوقا العديد من القصص التي تُظهر تعاطف يسوع مع الفقراء، المرضى، والخطاة، ويُظهر كذلك دور النساء في خدمته. كما يحتوي إنجيل لوقا على عدد كبير من الأمثال الفريدة التي لا توجد في بقية الأناجيل، مثل مثل الابن الضال والسامري الصالح. ومن خلال هذه الروايات، يُقدم لوقا صورة ليسوع باعتباره مخلّصًا حنونًا وشاملًا، يهتم بكل إنسان بغض النظر عن خلفيته أو حالته الاجتماعية. كما يُبرز الإنجيل أهمية الصلاة، عمل الروح القدس، وفرح الخلاص، وهي مواضيع تُميز إنجيل لوقا عن بقية الأناجيل.



ما هي الفكرة الرئيسية في إنجيل لوقا؟


الفكرة الرئيسية في إنجيل لوقا هي أن الخلاص متاح للجميع من خلال يسوع المسيح، وأن رحمة الله تشمل جميع البشر دون تمييز. يُركّز الإنجيل على يسوع باعتباره مخلّص العالم، الذي جاء ليبحث عن الضال ويخلّصه. يظهر هذا بوضوح في الأمثال التي يسردها لوقا، مثل مثل الخروف الضال، والدرهم المفقود، والابن الضال، حيث تُجسد هذه القصص فرح الله بعودة الخطاة إليه. كما يُبرز لوقا دور النساء والغرباء، مما يُظهر الطبيعة الشاملة لرسالة المسيح. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر الإنجيل يسوع كإنسان يشعر بآلام الناس ويشاركهم معاناتهم، مما يجعل منه شفيعًا حقيقيًا أمام الله. إن التركيز على الصلاة، الروح القدس، والفرح بالخلاص، يُعطي إنجيل لوقا طابعًا روحيًا مميزًا يجذب القارئ للتأمل في نعمة الله ورحمته.



ماذا يرمز لإنجيل لوقا؟


يرمز إنجيل لوقا تقليديًا إلى الثور أو العجل، وهو أحد الرموز الأربعة للكائنات الحية المذكورة في سفر الرؤيا. يُمثّل الثور القوة، الخدمة، والتضحية، وهي سمات تنعكس في إنجيل لوقا الذي يُظهر يسوع كعبد متألم يخدم البشرية ويضحي بنفسه من أجل خلاصها. الثور أيضًا كان يُستخدم كذبيحة في الهيكل، وهو ما يُناسب صورة يسوع كمخلص قدم نفسه فدية عن العالم. يُعتبر هذا الرمز مناسبًا لما يقدمه إنجيل لوقا من رؤية ليسوع كمن يتحنن على الضعفاء ويهتم بالمحتاجين، ويقوم بخدمتهم حتى النهاية. ومن خلال هذا الرمز، يُبرز الإنجيل الجانب العملي من الإيمان المسيحي، حيث يُدعى المؤمنون إلى الاقتداء بيسوع في الخدمة والعطاء.



ما هي الأحداث التي انفرد بها إنجيل لوقا؟


انفرد إنجيل لوقا بعدد من الأحداث والقصص التي لا توجد في الأناجيل الأخرى. من أبرزها: قصة بشارة الملاك لزكريا بميلاد يوحنا المعمدان، وبشارة الملاك لمريم العذراء، وزيارة مريم لأليصابات، وترنيمة مريم (تعظيم النفس)، وزيارة الرعاة للمسيح بعد ولادته. كما انفرد أيضًا بقصة الطفل يسوع في الهيكل وهو في الثانية عشرة من عمره. في تعاليم يسوع، ينفرد لوقا بأمثال رائعة مثل مثل السامري الصالح، ومثل الابن الضال، والغني ولعازر. كذلك يُفرد لوقا اهتمامًا خاصًا بالنساء، حيث يُبرز شخصيات مثل مريم أخت مرثا، والنساء اللواتي تبعن يسوع وكنّ يخدمنه. كما يُظهر اهتمامًا خاصًا بالفقراء، المساكين، والخطاة، مما يعطي الإنجيل نكهة مميزة تعبّر عن الشمولية والرحمة الإلهية.




ملخص إنجيل لوقا


يبدأ إنجيل لوقا بمقدمة منهجية يُوضح فيها هدفه في تقديم رواية دقيقة ومرتبة عن حياة يسوع المسيح، ثم ينتقل إلى سرد قصة البشارة بميلاد يوحنا المعمدان، وميلاد يسوع، مع التركيز على التفاصيل العائلية واللاهوتية. يروي الإنجيل بعد ذلك معمودية يسوع، وتجربته في البرية، ثم يبدأ بسرد خدمته في الجليل، مع سرد عدد كبير من المعجزات والأمثال والتعليم. بعد ذلك، يُسلّط الضوء على رحلته إلى أورشليم، حيث يواجه الرفض والمعارضة، ثم يُفصّل أحداث الأسبوع الأخير من حياته، صلبه، وقيامته. يُختتم الإنجيل بقصة ظهور يسوع لتلاميذه وصعوده إلى السماء. إنجيل لوقا غني باللاهوت والإنسانية، يُقدّم يسوع كمخلص محب للبشرية كلها، ويُركز على الرجاء، الرحمة، والغفران، مما يجعله رسالة أمل لكل من يقرأه.
المنشور التالي المنشور السابق