ما هو العهد القديم؟
![]() |
ما هو العهد القديم؟ |
ما هو العهد القديم؟
العهد القديم هو الجزء الأول من الكتاب المقدس لدى اليهود والمسيحيين، ويُعدّ من أقدم النصوص الدينية المعروفة في العالم. يتكون العهد القديم من مجموعة من الأسفار (الكتب) التي تسرد تاريخ البشرية منذ الخلق، وتتناول علاقة الله مع الإنسان، وخاصة مع شعب إسرائيل. يتضمن هذا الجزء روايات تاريخية، وقوانين دينية، ونصوص شعرية، ونبوات. وقد كُتب العهد القديم في فترات زمنية مختلفة تمتد عبر قرون، وبلُغات رئيسية هي العبرية والآرامية. بالنسبة لليهود، يُعرف هذا النص باسم "التناخ" ويتألف من ثلاثة أقسام: التوراة (الشريعة)، والأنبياء، والكتابات. أما في التقليد المسيحي، فيُعتبر العهد القديم تمهيدًا للعهد الجديد، الذي يتحدث عن حياة وتعاليم يسوع المسيح. العهد القديم ليس مجرد كتاب ديني، بل هو وثيقة حضارية وثقافية أثرت على الفكر البشري والقوانين والقيم الأخلاقية لقرون طويلة. فهم العهد القديم يساعد في فهم جذور الديانتين اليهودية والمسيحية وتطور الفكر الديني عبر العصور.
شاهد ايضا:
- ما هو العهد الجديد؟
- ما هو تعريف الكتاب المقدس؟
- ما هو الإيمان عند المسيحيين؟
- دليل شامل لفهم إنجيل يوحنا في العهد الجديد
هل العهد القديم هو نفسه التوراة؟
رغم أن التوراة تُعد جزءًا من العهد القديم، فإن المصطلحين لا يشيران إلى نفس الشيء تمامًا. التوراة تشير إلى الكتب الخمسة الأولى من العهد القديم، وهي: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية. وتُعرف هذه الكتب أيضًا باسم "أسفار موسى الخمسة"، وتنسب تقليديًا إلى النبي موسى عليه السلام. هذه الكتب تحتوي على القصة التأسيسية لشعب إسرائيل، وتتناول قضايا الخلق، والعهد مع الله، والخروج من مصر، والتشريعات الدينية والمدنية. أما العهد القديم، فهو مجموعة أوسع تشمل التوراة بالإضافة إلى أسفار الأنبياء والكتابات الأخرى مثل المزامير، الأمثال، سفر أيوب، ونبوات أشعيا وأرميا وغيرهم. بالتالي، يمكن القول إن التوراة تشكل الجزء الأهم والأقدم من العهد القديم، لكنها ليست كلّه. هذا التمييز مهم لفهم كيفية استخدام المصطلحات في السياقات الدينية المختلفة، سواء في اليهودية أو المسيحية، حيث تمثل التوراة النواة الأساسية في اليهودية، بينما يشمل العهد القديم عند المسيحيين نصوصًا أكثر شمولاً.
هل يؤمن اليهود بالعهد القديم؟
نعم، يؤمن اليهود بالعهد القديم، لكن بتسمية ومفهوم مختلف قليلاً. فهم لا يستخدمون مصطلح "العهد القديم" لأنه مصطلح مسيحي يُفهم عادةً باعتباره الجزء الأول من الكتاب المقدس الذي يسبق العهد الجديد المتعلق بيسوع المسيح. اليهود يطلقون على نصوصهم المقدسة اسم "التناخ"، وهو اختصار لثلاثة أقسام رئيسية: التوراة (الشريعة)، نفيئيم (الأنبياء)، وكتوفيم (الكتابات). وتتطابق معظم أسفار التناخ مع أسفار العهد القديم لدى المسيحيين، لكن الترتيب والمحتوى قد يختلف قليلاً في بعض الطبعات. بالنسبة لليهود، التناخ هو النص المقدس الكامل، ولا يعترفون بالعهد الجديد أو بتعاليمه. يُعتبر التناخ مصدرًا للشريعة اليهودية (الهالاخاه) واللاهوت والتاريخ الديني. وبالتالي، يمكن القول إن اليهود يؤمنون بجوهر العهد القديم، لكن ضمن إطار عقائدي مختلف عن المسيحية. الإيمان اليهودي بالتناخ يعكس تمسكًا بتاريخ طويل من التقاليد الدينية التي تعود إلى آلاف السنين، ويُعد التناخ حجر الأساس لهوية الشعب اليهودي.
عن ماذا يتكلم العهد القديم؟
يتناول العهد القديم موضوعات متنوعة تشمل تاريخ البشرية منذ الخلق، وقصة شعب إسرائيل، والعلاقة بين الله والإنسان، بالإضافة إلى التشريعات الدينية والأخلاقية. يبدأ العهد القديم بقصة الخلق في سفر التكوين، حيث يصف كيف خلق الله السماوات والأرض والإنسان، ثم يسرد قصة سقوط الإنسان ودخوله في دائرة الخطيئة. بعد ذلك، يتناول العهد القديم قصة إبراهيم وإسحق ويعقوب ويوسف، ثم قصة موسى وخروج بني إسرائيل من مصر. كما يحتوي على الشريعة التي أُعطيت لموسى في جبل سيناء، والتي تُشكّل الأساس الديني والقانوني لشعب إسرائيل. إضافة إلى ذلك، يروي العهد القديم صراعات ملوك إسرائيل ويهوذا، وأعمال الأنبياء الذين دعوا الناس للعودة إلى عبادة الله والابتعاد عن الشر. كما يشمل نصوصًا شعرية وتأملات روحية مثل المزامير والأمثال. ويتحدث أيضًا عن المستقبل والمسيّا المنتظر، مما يُمهّد للمفاهيم المسيحية التي تظهر لاحقًا في العهد الجديد. باختصار، العهد القديم يُقدم نظرة شاملة على التاريخ البشري من منظور ديني، ويركّز على مفهوم العهد بين الله والإنسان.
كم عدد أسفار العهد القديم؟
عدد أسفار العهد القديم يختلف قليلاً بين الطوائف اليهودية والمسيحية، وذلك حسب التقليد الديني المتبع. في اليهودية، يتكون التناخ من 24 سفرًا. هذه الأسفار تُقسَّم إلى ثلاثة أقسام رئيسية: التوراة (5 أسفار)، الأنبياء (8 أسفار)، والكتابات (11 سفرًا). أما في التقاليد المسيحية، وخاصة البروتستانتية، فإن العهد القديم يتكون من 39 سفرًا، لأن بعض الأسفار التي يدمجها اليهود تُقسَّم إلى أكثر من سفر في الترتيب المسيحي. على سبيل المثال، سفر صموئيل في النسخة اليهودية هو سفر واحد، بينما يُقسّم في المسيحية إلى صموئيل الأول وصموئيل الثاني. الكاثوليك والأرثوذكس يضيفون مجموعة من الأسفار تُعرف باسم "الأسفار القانونية الثانية"، ليصل العدد إلى 46 أو أكثر بحسب الكنيسة. هذه الأسفار الإضافية تتضمن طوبيا، يهوديت، المكابيين الأول والثاني، وغيرها. إذاً، العدد يختلف حسب المذهب، لكن كل الطوائف تتفق على الأسفار الأساسية مثل التكوين، الخروج، اللاويين، المزامير، وأشعيا. هذا الاختلاف العددي لا يغيّر من جوهر الرسالة، لكنه يُظهر تنوع التقاليد الدينية في التعامل مع النصوص المقدسة.
كم إصحاح في العهد القديم؟
يتكون العهد القديم من عدد كبير من الإصحاحات، يبلغ مجموعها حوالي 929 إصحاحًا في النسخة البروتستانتية. تختلف هذه الأرقام قليلاً بين الترجمات والمذاهب المختلفة، لكن هذا الرقم يُعدّ الأشهر والأكثر تداولاً. هذه الإصحاحات موزعة على الأسفار المختلفة التي تشكل العهد القديم، ويختلف عدد الإصحاحات من سفر لآخر. على سبيل المثال، يحتوي سفر التكوين على 50 إصحاحًا، بينما يحتوي سفر المزامير على 150 مزمورًا (وهي تعادل الإصحاحات في هذا السياق). بعض الأسفار قصيرة وتحتوي على عدد قليل من الإصحاحات مثل سفر عوبديا الذي يحتوي على إصحاح واحد فقط، بينما توجد أسفار طويلة مثل إشعياء الذي يحتوي على 66 إصحاحًا. هذه الإصحاحات تُستخدم كوسيلة لتنظيم النصوص، وتساعد القرّاء في تحديد المواضع بدقة. ومن المهم ملاحظة أن تقسيم الأسفار إلى إصحاحات وأعداد لم يكن جزءًا من النص الأصلي، بل أُضيف لاحقًا لتسهيل الدراسة والقراءة. تقسيم الإصحاحات يجعل من العهد القديم مصدرًا غنيًا يمكن الرجوع إليه بسهولة لأي دراسة دينية أو لاهوتية.
موقف المسيحية من العهد القديم
المسيحية ترى في العهد القديم جزءًا أساسيًا من الكتاب المقدس، وتعتبره كلمة الله المُوحى بها. يُمثّل العهد القديم التمهيد اللاهوتي والتاريخي للعهد الجديد، الذي يتمحور حول يسوع المسيح. تؤمن المسيحية بأن النبوات والرموز الموجودة في العهد القديم تشير إلى مجيء المسيح وتحقيق الخلاص. على سبيل المثال، يُنظر إلى شخصية إبراهيم كرمز للإيمان، وموسى كرمز للمخلّص، وحمل الفصح كرمز للمسيح الذي يُقدَّم كذبيحة. لذلك، تقرأ الكنيسة المسيحية العهد القديم في ضوء العهد الجديد. رغم ذلك، تختلف بعض الطوائف المسيحية في مدى تطبيق الشريعة الواردة في العهد القديم. فبينما يُنظر إلى المبادئ الأخلاقية على أنها أبدية، فإن الشريعة الطقسية والشرائع المدنية الخاصة ببني إسرائيل غالبًا ما تُعتبر غير مُلزمة للمسيحيين اليوم. يسوع نفسه أشار إلى أهمية العهد القديم عندما قال: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض، بل لأكمّل" (متى 5:17). بناءً عليه، تحتفظ المسيحية بالعهد القديم كجزء لا يتجزأ من الكتاب المقدس، وتقرأه باعتباره شهادة على أمانة الله وتاريخ خلاص البشرية.