تفسير إنجيل متى الإصحاح الأول الفصل 1
![]() |
تفسير إنجيل متى الإصحاح الأول الفصل 1 |
يُعد إنجيل متى من أهم الأناجيل الأربعة في العهد الجديد، وهو يقدم رؤية واضحة عن حياة وتعاليم يسوع المسيح. الإصحاح الأول من إنجيل متى هو بوابة الدخول إلى هذا الكتاب العظيم، حيث يبدأ بسرد نسب المسيح ويكشف عن مولده المعجزي. فهم هذا الإصحاح يساعد القارئ على إدراك عمق خطة الله في خلاص البشرية، وكيف أن يسوع هو تحقيق للوعود القديمة. في هذه المقالة، سنتناول تفسيرًا مفصلاً للإصحاح الأول من إنجيل متى، مع التركيز على معاني الآيات وأبعادها التاريخية والروحية، مما يعزز فهمنا للنص المقدس ويقربنا من رسالة الإنجيل.
شاهد أيضا:
- هل الكتاب المقدس هو نفسه الإنجيل؟
- ما هو تعريف الكتاب المقدس؟
- ما هو العهد الجديد؟
- تعرف على ترتيب أسفار العهد الجديد
📜 تفسير إنجيل متى الإصحاح الأول
- (1) سِجِلُّ نَشْأَةِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، سَلِيلِ دَاوُدَ، حَفِيدِ إِبْرَاهِيمَ.
- (2) وَقَدْ أَنْجَبَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ، وَإِسْحَاقُ أَوْلَدَ يَعْقُوبَ، ثُمَّ أَتَى يَعْقُوبُ بِيَهُوذَا وَأَخْوَالِهِ.
- (3) مِنْ يَهُوذَا وُلِدَ فَارَصُ وَزَارَحُ مِنْ أُمِّهِمْ ثَامَارَ؛ فَارَصُ خَلَفَ حَصْرُونَ، وَحَصْرُونُ أَنْجَبَ أَرَامَ.
- (4) أَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ، وَعَمِّينَادَابُ جَاءَ بِنَحْشُونَ، ثُمَّ نَحْشُونُ أَوْلَدَ سَلْمُونَ.
- (5) سَلْمُونُ أَنْجَبَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ، وَبُوعَزُ أَوْلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ، وَعُوبِيدُ خَلَفَ يَسَّى.
- (6) يَسَّى أَبُو دَاوُدَ ٱلْمَلِكِ، وَدَاوُدُ ٱلْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنْ زَوْجَةِ أُورِيَّا.
- (7) مِنْ سُلَيْمَانَ أَتَى رَحَبْعَامُ، وَرَحَبْعَامُ أَوْلَدَ أَبِيَّا، وَأَبِيَّا خَلَفَ آسَا.
- (8) آسَا أَنْجَبَ يَهُوشَافَاطَ، وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ، وَيُورَامُ جَاءَ بِعُزِّيَّا.
- (9) عُزِّيَّا أَوْلَدَ يُوثَامَ، وَيُوثَامُ خَلَفَ آحَازَ، وَآحَازُ جَاءَ بِحِزْقِيَّا.
- (10) حِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى، وَمَنَسَّى أَوْلَدَ آمُونَ، وَآمُونُ خَلَفَ يُوشِيَّا.
- (11) يُوشِيَّا أَنْجَبَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ فِي أَوَانِ السَّبْيِ الْبَابِلِيِّ.
- (12) وَبَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ سَبْيِ بَابِلَ، خَلَفَ يَكُنْيَا شَأَلْتِئِيلَ، وَشَأَلْتِئِيلُ أَنْجَبَ زَرُبَّابِلَ.
- (13) زَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ، وَأَبِيهُودُ أَوْلَدَ أَلِيَاقِيمَ، وَأَلِيَاقِيمُ خَلَفَ عَازُورَ.
- (14) عَازُورُ أَنْجَبَ صَادُوقَ، وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ، وَأَخِيمُ جَاءَ بِأَلِيُودَ.
- (15) أَلِيُودُ خَلَفَ أَلِعَازَرَ، وَأَلِعَازَرُ أَوْلَدَ مَتَّانَ، وَمَتَّانُ جَاءَ بِيَعْقُوبَ.
- (16) وَيَعْقُوبُ أَنْجَبَ يُوسُفَ، زَوْجَ مَرْيَمَ، وَهِيَ وَالِدَةُ يَسُوعَ الْمَعْرُوفِ بِالْمَسِيحِ.
- (17) هَكَذَا، مِنْ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى دَاوُدَ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا. وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا. وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ حَتَّى ظُهُورِ الْمَسِيحِ، أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا أَيْضًا.
- (18) أَمَّا وِلَادَةُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، فَقَدْ تَمَّتْ عَلَى النَّحْوِ ٱلتَّالِي: بَيْنَمَا كَانَتْ مَرْيَمُ، أُمُّهُ، مُخَطُوبَةً لِيُوسُفَ، وَقَبْلَ ٱلْتِقَائِهِمَا، وُجِدَ أَنَّهَا حَامِلٌ بِفِعْلِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.
- (19) وَيُوسُفُ، خَطِيبُهَا، لِكَوْنِهِ رَجُلًا نَزِيهًا وَلَمْ يُرِدْ إِفْشَاءَ أَمْرِهَا، قَرَّرَ تَسْرِيحَهَا بِسِرِّيَّةٍ.
- (20) وَفِيمَا هُوَ مُنْهَمِكٌ فِي هَذِهِ ٱلْأَفْكَارِ، ظَهَرَ لَهُ مَلَاكُ ٱللهِ فِي حُلْمٍ وَنَادَاهُ: «يَا يُوسُفُ، يَا سَلِيلَ دَاوُدَ، لَا تَخَفْ مِنَ ٱلْقَبُولِ بِمَرْيَمَ كَزَوْجَةٍ لَكَ، فَٱلَّذِي نَمَا فِي أَحْشَائِهَا إِنَّمَا هُوَ بِفِعْلِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.
- (21) وَسَتَلِدُ ٱبْنًا تُسَمِّيهِ يَسُوعَ، لِأَنَّهُ ٱلَّذِي سَيُخَلِّصُ قَوْمَهُ مِنْ رَبْقَةِ خَطَايَاهُمْ.»
- (22) وَكُلُّ هَذَا حَدَثَ لِيَتِمَّ مَا أَوْحَى بِهِ ٱلرَّبُّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، إِذْ قَالَ:
- (23) «هَا هِيَ ٱلْعَذْرَاءُ سَتَحْبَلُ وَتَلِدُ ٱبْنًا، وَسَيُطْلَقُ عَلَيْهِ ٱسْمُ إِمَّانُوئِيلَ» (وَهُوَ مَا يُعْنَى "ٱللهُ مَعَنَا").
- (24) وَعِنْدَمَا ٱسْتَفَاقَ يُوسُفُ مِنْ سُبَاتِهِ، أَقْدَمَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ ٱلْمَلَاكُ، فَتَبَنَّى مَرْيَمَ زَوْجَةً لَهُ.
- (25) وَلَمْ تَتِمَّ بَيْنَهُمَا عِلَاقَةٌ زَوْجِيَّةٌ حَتَّى أَنْجَبَتِ ٱبْنَهَا الْبِكْرَ يَسُوعَ، وَقَدْ سَمَّاهُ يَسُوعَ كَمَا أُمِرَ.
النسب المقدس ليسوع المسيح: ارتباط بالماضي والوعود (متى 1:1-17)
الإصحاح يبدأ بسرد نسب يسوع المسيح، وهو أمر بالغ الأهمية لفهم هويته ومكانته. في الآية الأولى، يعلن متى بوضوح أن يسوع هو "ابن داود، ابن إبراهيم"، وهذا تأكيد على نسبه الملكي والنبوي، إذ أن داود هو الملك الموعود الذي ينتمي إليه المسيح كملك مزمع، وإبراهيم هو الأب الروحي للأمة اليهودية.
يحتوي هذا الجزء على ثلاثة أقسام من 14 جيلًا، تضم الأجيال من إبراهيم إلى داود، ومن داود إلى السبي البابلي، ومن السبي البابلي إلى المسيح. هذا الترتيب يوضح أن خطة الله تمت عبر التاريخ، رغم الظروف المختلفة التي مرت بها الأمم. النسب يتضمن أسماء معروفة وأخرى مثيرة للاهتمام، مثل راحاب وراعوث، وهما امرأتان من الأمم، مما يوضح شمولية خطة الخلاص لكل البشر وليس لليهود فقط.
مولد يسوع المعجزي: إعلان الخلاص الإلهي (متى 1:18-25)
بعد سرد النسب، ينتقل النص إلى الحدث المحوري في الإصحاح: مولد يسوع المسيح. يوضح متى أن مريم كانت مخطوبة ليوسف، ولكنها حملت من الروح القدس قبل أن يجتمعا، مما يؤكد أن ميلاد يسوع هو معجزة إلهية بلا شريك بشري.
في هذا السياق، تظهر شخصية يوسف كإنسان تقي ورحيم، إذ كان يخطط للتخلي عن مريم سرًا لكي لا يشهر بها، لكنه تغير بعد رؤيا ملاك الرب في الحلم. امتثال يوسف لكلام الملاك بإخلاص يدل على إيمانه القوي وطاعته لخطة الله، وهو مثال يحتذى به في الإيمان والطاعة.
كما يؤكد النص أن اسم "يسوع" يحمل معنى الخلاص، فهو "الرب يخلص"، وهذا يعبر عن المهمة الإلهية التي جاء يسوع ليكملها في حياة البشر.
الكلمات النبوية وتحقيقها: الرب يسوع كتحقيق للنبوءات (متى 1:22-23)
أحد أبرز العناصر في هذا الإصحاح هو الربط بين ميلاد يسوع وتحقيق نبوءات العهد القديم. يقتبس متى نصًا من نبوءة إشعياء: «هَا هِيَ الْعَذْرَاءُ تَحْمِلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ»، الذي يعني "الله معنا". هذا الربط يوضح أن يسوع ليس مجرد شخص عادي، بل هو تجسد الله الذي جاء ليعيش بين البشر ويحقق خلاصهم.
هذه النبوءة تسلط الضوء على طبيعة يسوع الإلهية والإنسانية في آن واحد، وهي محور الإيمان المسيحي.
الأبعاد الروحية والتطبيقات المعاصرة
فهم إنجيل متى الإصحاح الأول ليس مجرد دراسة تاريخية، بل يحمل معه دعوة روحية عميقة. النسب المقدس يذكرنا بأن الله يعمل عبر الأجيال ومع الأشخاص العاديين، حتى في ظروف معقدة وصعبة. ميلاد يسوع المعجزي يثبت أن الله قادر على تحقيق مستحيلاتنا، وأن الخلاص ليس مجرد فكرة بل واقع ملموس.
كذلك، يعلّمنا الإصحاح أهمية الطاعة والإيمان، كما ظهر في استجابة يوسف. من خلال تطبيق هذه المبادئ في حياتنا اليومية، يمكننا الاقتراب أكثر من الله والعيش وفقًا لمشيئته.
في الختام، إن إنجيل متى الإصحاح الأول هو مفتاح لفهم قصة المسيح وتأسيس إيماننا به. من خلال نسبه المقدس، مولده المعجز، وتحقيق النبوءات، نرى كيف أن الله أعد خطة محكمة لخلاص البشرية، وقدم لنا مخلصًا رحيمًا وعادلاً. هذا الإصحاح يدعونا إلى الإيمان العميق، الطاعة التامة، والاعتماد على قوة الله في حياتنا. قراءة هذا الإصحاح بتأمل تمنحنا فهمًا أعمق لشخص يسوع المسيح ولدوره الحاسم في خطة الفداء.