تفسير إنجيل متى الأصحاح الثامن الفصل 8

تفسير إنجيل متى الأصحاح 8 الفصل الثامن
تفسير إنجيل متى الأصحاح الثامن الفصل 8


يعتبر إنجيل متى من أهم الأناجيل الأربعة في العهد الجديد، ويتميز بتقديم يسوع المسيح كملك ومخلص، موثّقًا تعاليمه وأعماله ومعجزاته. الأصحاح الثامن من هذا الإنجيل يحتوي على مشاهد مهمة تعكس قوة يسوع وعطفه، إضافة إلى تعاليمه العملية في مواجهة المرض والإيمان. في هذه المقالة، سنتناول تفسيرًا دقيقًا للأصحاح الثامن من إنجيل متى، مع تسليط الضوء على المعاني الروحية والتاريخية، بالإضافة إلى تحليل أهم الآيات والأحداث التي وردت فيه.




شاهد أيضا:

دليل شامل لفهم إنجيل مرقس في العهد الجديد
دليل شامل لفهم إنجيل لوقا في العهد الجديد
دليل شامل لفهم إنجيل يوحنا في العهد الجديد





تفسير إنجيل متى الأصحاح الثامن الفصل 8



1. وَلَمَّا نَزَلَ يَسُوعُ مِنَ ٱلْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. (متى 8:1)

التفسير: بعد أن أتم يسوع تعليمه على الجبل، انجذب إليه الكثيرون، فقد أدهشتهم كلماته التي حملت سلطانًا لم يألفوه.



2. وَإِذَا رَجُلٌ بَرْصٌ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: «يَا سَيِّدُ، إِنْ شِئْتَ تَقْدِرُ أَنْ تُطَهِّرَنِي». (متى 8:2)

التفسير: جاء رجل مريض بالبرص مؤمناً بقوة يسوع، طالبًا شفاءه بإيمان وثقة في قدرة يسوع.



3. فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلَّحْظَةٍ طَهُرَ الْبَرْصُ. (متى 8:3)

التفسير: لم تتردد يد يسوع في لمس المريض، فكانت كلمة الشفاء فورية، دلالة على قوة إيمانه.



4. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْظُرْ لاَ تُخْبِرْ أَحَدًا، بَلِ اذْهَبْ أَرِ أَنْفُسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ قُرْبَانَ التَّطْهِيرِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ». (متى 8:4)

التفسير: طلب يسوع منه أن يحتفظ بسرّ الشفاء، وأن يلتزم بتعاليم موسى لتأكيد شفائه أمام الكهنة.



5. وَلَمَّا دَخَلَ إِلَى كَفْرَنَاحُومَ جَاءَ إِلَيْهِ قَائِدُ مِئَةٍ رَاجِعًا إِلَيْهِ (متى 8:5)

التفسير: دخل يسوع المدينة حيث جاءه قائد مئة روماني يطلب المساعدة لمرض عبدِه.



6. وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، عَبْدِي مَرِيضٌ فِي الْبَيْتِ مُشْلُولٌ وَيُتْعَبُ جِدًّا». (متى 8:6)

التفسير: وصف القائد حالة عبده المرضية الشديدة، معبراً عن ثقته بأن يسوع يستطيع أن يشفيه.



7. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ». (متى 8:7)

التفسير: أعلن يسوع استعداده للذهاب بنفسه وشفاء العبد.



8. فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، وَلَكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَيَشْفَى عَبْدِي. (متى 8:8)

التفسير: أبدى القائد تواضعًا عميقًا وإيمانًا بكلمة يسوع فقط دون الحاجة إلى حضوره.



9. لأَنِّي أَنَا أَيْضًا رَجُلٌ تَحْتَ السُّلْطَانِ، وَعِنْدِي جُنُودٌ تَحْتَ أَمْرِي، وَأَقُولُ لِهَذَا: «اذْهَبْ»، فَيَذْهَبُ، وَلِذَلِكَ: «تَعَالَ»، فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِي: «افْعَلْ هذَا»، فَيَفْعَلُ». (متى 8:9)

التفسير: بيّن القائد فهمه للسلطة والطاعة، مؤكدًا أن كلمة يسوع وحدها تكفي.



10. فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ تَعَجَّبَ وَقَالَ لِلَّذِينَ يَذْهَبُونَ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَمْ أَجِدْ مِثْلَ هذَا الإِيمَانِ فِي إِسْرَائِيلَ. (متى 8:10)

التفسير: أُعجب يسوع بإيمان القائد الذي فاق إيمان كثيرين من بني إسرائيل.



11. وَأَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ يَأْتُونَ وَيَجْلِسُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، (متى 8:11)

التفسير: أشار يسوع إلى انفتاح ملكوت الله على جميع الأمم وليس فقط على بني إسرائيل.



12. وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الْأَسْنَانِ. (متى 8:12)

التفسير: حذر يسوع أن الذين يرفضون الإيمان سيُفصلون ويعانون في الظلمة الأبدية.



13. فَقَالَ لِيَسُوعَ الْقَائِدُ: «اذْهَبْ كَمَا آمَنْتَ فَلْيَكُنْ لَكَ». فَشُفِيَ عَبْدُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ. (متى 8:13)

التفسير: كلمة يسوع كانت كافية لشفاء العبد فورًا، مما يؤكد قوة الإيمان.



14. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ بَيْتَ بُطْرُسَ رَأَى حَمَاهُ مُضْطَجِعًا وَمَرِيضًا بِالْحُمَّى، (متى 8:14)

التفسير: دخل يسوع منزل بطرس ورأى مرض حماته، مما استدعى شفاءً عاجلاً.



15. فَمَسَحَ يَدَهُ فَبَرِئَتِ الْحُمَّى، وَقَامَ وَخَدَمَهُمْ. (متى 8:15)

التفسير: بلمسة شفائية من يسوع تعافى الرجل وأصبح قادرًا على الخدمة.




16. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ جَاءُوا إِلَيْهِ كَثِيرُونَ مَمْسُوسِينَ بِأَرْوَاحٍ شَرِّيرَةٍ فَطَرَدَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ وَشَفَى كُلَّ الْمَرْضَى، (متى 8:16)

التفسير: تجلى سلطان يسوع بقوة على الأرواح الشريرة وقدرته على شفاء جميع المرضى.



17. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلِ: «إِنَّهُ حَمَلَ آلاَمَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا». (متى 8:17)

التفسير: تحقيقًا للنبوءة، حمل يسوع آلام البشرية وأمراضها من أجل خلاصها.



18. وَلَمَّا رَآهُ الْجُمُوعُ تَعَجَّبُوا، وَأَخَذَ يَسُوعُ أَنْ يُوصِيَ تَلَامِيذَهُ بِالْعُبُورِ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ. (متى 8:18)

التفسير: دهشت الجماهير من معجزات يسوع، بينما بدأ يسوع تجهيز تلاميذه لمهمة جديدة.



19. ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَتْبَعُكَ حَيْثُمَا ذَهَبْتَ». (متى 8:19)

التفسير: عرض أحد الكتبة اتباع يسوع بدون تردد، مظهراً إيمانًا ورغبة عميقة.



20. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الثَّعَالِبُ لَهَا جُحُورٌ، وَالطُّيُورُ فِي السَّمَاءِ لَهَا أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ مَوْضِعٌ يَضُمُّهُ رَأْسُهُ». (متى 8:20)

التفسير: بيّن يسوع أن اتباعه يتطلب تضحيات، ولا يجد أحيانًا مكانًا يستريح فيه.



21. وَقَالَ آخَرُ مِنْ تَلَامِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ، ارْحَنِي أَوَّلًا أَذْهَبُ وَأَدْفِنُ أَبِي». (متى 8:21)

التفسير: طلب تلميذ إمهالًا لتلبية مسؤولية العائلة، مما بين صعوبة التوازن بين الواجبات.



22. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتَّبِعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ». (متى 8:22)

التفسير: دعاه يسوع لوضع الالتزام الروحي فوق كل شيء آخر، حتى فوق واجبات الحياة الدنيا.



23. وَلَمَّا رَكِبَ فِي السَّفِينَةِ تَبِعَهُ تَلَامِيذُهُ. (متى 8:23)

التفسير: بدأ يسوع رحلته الجديدة مع تلاميذه في البحر، رمزًا لعبور جديد.



24. وَإِذَا عَاصِفَةٌ عَظِيمَةٌ قَامَتْ فِي الْبَحْرِ حَتَّى غَطَّتِ السَّفِينَةَ بِالأَمْوَاجِ، وَهُوَ نَائِمٌ. (متى 8:24)

التفسير: في وسط العاصفة، بقي يسوع هادئًا، دليلًا على سيطرته المطلقة.



25. فَاقْتَرَبُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا: «يَا رَبُّ خَلِّصْنَا نَحْنُ نَهْلِكُ». (متى 8:25)

التفسير: خاف التلاميذ وطلبوا النجدة من يسوع في لحظة الخطر.



26. فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ خَائِفُونَ يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ؟» ثُمَّ قَامَ وَبَسَّطَ يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَالْبَحْرُ. (متى 8:26)

التفسير: وبكلمته، أزال يسوع الخوف وأثبت أن الإيمان يقهر كل مخاوف الحياة.



27. فَتَعَجَّبَ الرِّجَالُ وَقَالُوا: «أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا حَتَّى الرِّيحُ وَالْبَحْرُ يُطِيعَانِهِ؟». (متى 8:27)

التفسير: أذهل الجميع سلطان يسوع حتى على قوى الطبيعة.



28. وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ إِلَى أَرْضِ الْجَادِّينَ، خَرَجَ إِلَيْهِ اثْنَانِ مَجْنُونَيْنِ مِنَ الْقُبُورِ، كَانَا هَاجِسَيْنِ جِدًّا حَتَّى لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. (متى 8:28)

التفسير: عند وصوله لأرض الجادين، واجه يسوع رجلين مجنونين، كان وضعهم مخيفًا وصعبًا جدًا.



29. وَإِذَا هُمَا يَصِيحَانِ قَائِلَيْنِ: «مَاذَا لَنَا وَلَكَ يَا ابْنَ اللهِ؟ أَهَلْ جِئْتَ إِلَى هُنَا قَبْلَ الْوَقْتِ لِتُعَذِّبَنَا؟» (متى 8:29)

التفسير: عبر المجنونان عن خوفهما من سلطة يسوع، معتبرين مجيئه محاكمة لهم.



30. وَكَانَ عِنْدَهُمَا بَعِيدًا قَطِيعُ خِنَازِيرَ كَثِيرَةٌ تَرْعَى. (متى 8:30)

التفسير: قرب الرجلين كان هناك قطيع من الخنازير، الذي سيلعب دورًا في طرد الأرواح.



31. فَطَلَبَ مِنْهُمَا الشَّيَاطِينُ قَائِلِينَ: «إِنْ أَرَدْتَنَا أَنْ نَنْطَلِقَ إِلَى تِلْكَ الْخِنَازِيرِ فَأَذِنْ لَنَا». (متى 8:31)

التفسير: طلبت الأرواح الشريرة السماح بالانتقال إلى الخنازير، مما يبين حرية التصرف التي منحت لهم مؤقتًا.



32. فَقَالَ لَهُ: «اذْهَبُوا». فَخَرَجُوا وَمَضَوْا إِلَى الْخِنَازِيرِ، وَإِذَا الْقَطِيعُ قَدِ انْحَدَرَ مِنَ الْجَبَلِ إِلَى الْبَحْرِ وَمَاتَ فِي الْمَاءِ. (متى 8:32)

التفسير: خرجت الأرواح وأغرقت القطيع، مما أثار صدمة في المنطقة.



33. فَهَرَبَ الرُّعَاةُ وَدَخَلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْبَرُوا بِكُلِّ شَيْءٍ، وَبِمَا حَدَثَ لِلْمَجْنُونَيْنِ. (متى 8:33)

التفسير: الرعاة نقلوا الخبر بسرعة، مما أثار رد فعل جماعي.



34. فَخَرَجَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا لِلِقَاءِ يَسُوعَ، وَلَمَّا رَأَوْهُ طَلَبُوا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ تُخُمِهِمْ. (متى 8:34)

التفسير: خوفًا من تغيير الوضع أو فقدان مصالحهم، طلب أهل المدينة من يسوع المغادرة.





1. أهمية الأصحاح الثامن في إنجيل متى


الأصحاح الثامن يمثل نقطة تحول في الإنجيل؛ حيث يبدأ يسوع بإظهار سلطته العملية من خلال معجزات شفاء المرضى والتصدي لقوى الشر، مما يؤكد أنه المسيح الموعود الذي جاء ليحرر الإنسان من قيود الخطيئة والمرض. هذه المعجزات تبرز جانب الرحمة الإلهية وتدعو المؤمنين إلى الإيمان الثابت.


2. معجزات الشفاء في إنجيل متى الأصحاح الثامن


شفاء الأبرص (متى 8: 1-4)


في بداية الأصحاح، جاء أبرص يطلب من يسوع الشفاء، وهو كان ممنوعًا اجتماعيًا بسبب مرضه. هذه المعجزة تعكس عظمة يسوع في إزالة العزلة الاجتماعية والمرض الروحي والجسدي. يقول النص:


(1) وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ ٱلْجَبَلِ تَبِعَهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ.
(2) وَإِذَا إِنْسَانٌ أَبْرَصٌ جَاءَ فَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: «يَا رَبُّ، إِنْ شِئْتَ تَقْدِرُ أَنْ تُطَهِّرَنِي».
(3) فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلًا: «أُرِيدُ، فَاطْهَرْ».
(4) وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ ٱلْبَرَصُ.


هذا الحدث يظهر أن الشفاء لا يحتاج إلا إلى إرادة الله، وأن يسوع يمتلك السلطة الإلهية ليُطَهِّر ويُجدد. الشفاء هنا ليس مجرد إزالة مرض جسدي، بل هو رمز للتطهير الروحي من الخطيئة.



شفاء خادم قائد المئة (متى 8: 5-13)


تعكس هذه المعجزة قوة الإيمان، حيث جاء قائد المئة، وهو شخص من أهل القانون، يطلب شفاء خادمه الذي كان مريضًا جدًا. لم يقابل يسوع القائد مباشرة، بل كان إيمانه عميقًا لدرجة أن يسوع قال له:

(10) «الحق أقول لكم: لم أجد مثل هذا الإيمان في إسرائيل».

(13) «ففي تلك الساعة شُفي خادمُه».


هذا المشهد يوضح أن الإيمان الحقيقي لا يتطلب رؤية أو حضور، بل ثقة كاملة في قدرة الله. كذلك، تظهر هذه القصة أن رحمة الله تتعدى حدود الشعب اليهودي لتشمل الأمم أيضاً.


3. تفسير المعاني الروحية في الأصحاح الثامن



السلطة على الأمراض والأرواح الشريرة


بعد شفاء المرضى، يأتي النص ليبين أن يسوع يمتلك سلطة حتى على الأرواح الشريرة (متى 8: 16-17)، حيث يطرد الأرواح الشيطانية ويشفي جميع المرضى، مظهرًا سلطته التي تنبأ بها الأنبياء. هذه الآيات تثبت أن المسيح جاء ليحرر الإنسان من قوى الظلمة، وهو تجسيد لوعد العهد القديم.


الإيمان الحقيقي والتبعية ليسوع


في الآيات الأخيرة من الأصحاح، نجد دعوة يسوع للاتباع والتبعية (متى 8: 18-22)، حيث يطلب من تلاميذه أن يتركوا كل شيء ويتبعوه دون تردد.

(19) وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْمُتَلَمِذِينَ: «يَا رَبُّ، أَدَعُنِي أَوَّلًا أَذْهَبَ وَأَكْفِلَ بِجَدِّي».

(21) وَقَالَ لَهُ آخَرُ: «أَتْبَعْنِي وَدَعِ ٱلْمَوتَى يَكْفِلُونَ بِمَوْتَاهُمْ».

هذه الكلمات تعلمنا أن الاتباع ليس بالأمر السهل، بل يتطلب تضحية وترك للعادات والروابط السابقة. فالإيمان يسير مع الالتزام الكامل ليسوع المسيح.


4. الدروس العملية من تفسير إنجيل متى الأصحاح الثامن



قوة الإيمان في مواجهة المحن


الأصحاح يركز على أن الإيمان العميق هو مفتاح الشفاء والتحرر، سواء من الأمراض الجسدية أو الروحية. مثل إيمان قائد المئة الذي علمنا أن الثقة بالله دون الحاجة لرؤية فعلية تقود إلى التجاوز والانتصار.


رحمة المسيح تشمل الجميع


يسوع يشفي الأبرص، وهو شخص منبوذ اجتماعياً، ويشفي خادم قائد المئة، شخص من غير اليهود. هذا يبين أن مملكة الله مفتوحة لكل إنسان راغب في الإيمان، بغض النظر عن حالته الاجتماعية أو عرقه.


الاتباع يتطلب ترك العالم


دعوة يسوع لتلاميذه في نهاية الأصحاح تعلمنا أن تتبع المسيح يتطلب ترك الأمان البشري والتعلق بالأمور الأرضية، والعيش بحياة جديدة تعتمد على الله فقط.




في الختام، يقدم لنا إنجيل متى الأصحاح الثامن نظرة عميقة على طبيعة يسوع المسيح كملك وشفاء، وعلى أهمية الإيمان والاتباع الكامل له. المعجزات التي وردت فيه تذكرنا بأن الله لا يزال يعمل في حياتنا اليوم بنفس القوة والرحمة، وأنه يدعونا لنعيش حياة إيمان صادق وتبعية تامة. من خلال فهم هذا الأصحاح، يمكننا تقوية علاقتنا بالله، والتعلم كيف نواجه تحديات الحياة بإيمان وثقة، متكلين على رحمة ومجد المسيح.

مقالات ذات صلة

المنشور التالي المنشور السابق
لا تعليق
أضف تعليق
comment url